التطوع
مقدمة عامة:
أصبح انتشار التطوع من المقاييس التي يقاس بها تقدم المجتمع و تطوره. 1 فيعد الوعي بأهمية التطوع و ممارسته بصورة فعلية مؤشر للتفاعل الإيجابي للأفراد تجاه مجتمعهم للنهوض به و تنميته في كافة المجالات. و لا تقتصر الآثار الإيجابية للتطوع على المجتمع فحسب، إنما يعد التطوع من أهم الوسائل لبناء شخصية المتطوع و تنميته مهاريا و اجتماعيا و أخلاقيا و دينيا.
ماهية التطوع:
التطوع هو المجهود الذي يقوم به الفرد بصفة اختيارية عن طريق المساهمة بخدمات للمجتمع دون مقابل مادي. هذه المساهمة قد تكون على شكل عمل أو علم أو رأي أو تمويل أو غير ذلك مما يخدم المجتمع. 2 و يتضح من هذا التعريف أن أنجح شكل يكون عليه التطوع يظهر في الجمعيات أو المشاريع التي قامت بمبادرة أفراد متطوعين، رغبة منهم في مساعدة المجتمع و تنميته عن طريق استخدام مواردهم الخاصة البشرية و المادية.3
مفهوم التطوع في الإسلام:
إن التطوع بالمفهوم السائد في الوقت الحالي و كما هو موضح في التعريف السابق لا ينطبق عليه أية صفة إلزامية أو واجبة. ذلك في حين أن الأمر يختلف في الإسلام؛ حيث يرتبط التطوع بواجب الفرد تجاه مجتمعه. و أحيانا يصل التطوع إلى حد الفريضة الملزِمة، و ذلك في الحالات التي عبَّر عنها الفقهاء بمفهوم "فروض الكفاية". و فرض الكفاية هو العمل الذي يجب على مجموعة مؤهلة التطوع به من أجل المجتمع ككل. و لكن إن لم يقم به أحد، أصبح العمل المطلوب فرضاً مُلزماً، و يحاسب الجميع إن لم يقم أحد بالتطوع لعمله.4 و يتميز التطوع في الإسلام بأنه واجب على كل مسلم. و المتطوع في الإسلام يجب أن يكون عمله خالصا لوجه الله، خالي من المظهرية و النفاق و محترم لكرامة المتلقي للمساعدة سواء كان هذا التطوع بالمجهود أو بالمال. 5 و هناك ثلاثة درجات للعطاء الاجتماعي في الإسلام: سخاء وجود وإيثار. فالسخاء: إعطاء الأقل وإمساك الأكثر . والجود: إعطاء الأكثر وإمساك الأقل. والإيثار: إعطاء الكل من غير إمساك لشيء.6 من هو المتطوع المتطوع هو شخص ذو مؤهلات و مهارات معينة يستخدمها ليخدم بها المجتمع دون انتظار مقابل.7
حقوق و واجبات المتطوع
هناك مجموعة من الحقوق للمتطوع التي يجب أن تراعى حتى تنشط العملية التطوعية و تأخذ صورة تنظيمة ناجحة. من هذه الحقوق حق المتطوع في أن يحصل على التوجيه و التدريب اللازم للقيام بالعمل، أن يعامل باحترام و تقدير، ألا يضيع وقته نتيجة لسوء التخطيط، أن يسأل أسئلة و يعطي اقتراحات خاصة بالعمل الذي يقوم به، و أن يأخذ الثقة الكافية للحصول على معلومات خاصة بعمله. كما أن على المتطوع واجبات حتى يحقق مجهوده النفع اللازم، و منها أن يلتزم بالمواعيد التي حددها للعمل، أن يقوم بالعمل المنوط به على أكمل وجه، أن يحترم قوانين العمل، و أن يحترم سرية المعلومات الخاصة بالعمل.8
أهمية التطوع:
* 1. للخدمات التي يقدمها التطوع دورا هاما في تكملة ما تعجز الدولة عن تقديمه من مشروعات خدمية و تنموية. كما أن القطاع التطوعي يتميز أنشطته بالسلاسة في الحركة و النشاط مما يساعد على تقديم الخدمات بصورة أسرع و أيسر من أجهزة الحكومة.
* 2. يتيح التطوع الفرصة إلى التعرف على احتياجات و سلبيات المجتمع مما يسهم في الدعوة إلى تبني هذه المشكلات و حلها سواء عن طريق الحكومة أو عن طريق أي جهة أخرى.
* 3. يساهم التطوع في تعبئة الموارد المحلية من موارد بشرية و مادية في سبيل النهوض بالمجتمع دون اللجوء إلى مصادر حكومية أو خارجية.
* 4. يوضح التطوع و ينمي الجانب الإنساني للمجتمع و الذي يساهم في التكافل و التراحم و التساند بين الناس.9
* 5. يسهم التطوع في الممارسة الديمقراطية عن طريق إتاحة الفرص للمتطوعين أن يتخذوا قرارات خاصة بمجتمعهم بشكل مباشر و ديمقراطي.10
معوقات التطوع في العالم العربي
أظهرت دراسة ميدانية عن التطوع في العالم العربي قامت بها الشبكة العربية للمنظمات الأهلية أن الشباب من سن 15 حتى 30 هم أقل فئة مهتمة بالتطوع برغم إمكانيات و قدرة الشباب في هذا السن للقيام بأعمال تخدم المجتمع بصورة فائقة. و يرجع إحجام الشباب في العالم العربي عن التطوع إلى عدة أسباب، منها التنشئة الأسرية التي أصبحت تهتم فقط بالتعليم دون زرع روح التطوع و بث الانتماء و مساعدة الآخرين. كما أن مناهج و أنشطة المدارس و الجامعات تكاد تكون خالية من كل ما يشجع على العمل التطوعي الحقيقي. و غياب التطوع في كل من الأسرة و المؤسسات التعليمية أدى إلى خلق أجيالا ليس لديها الوعي لمفهوم التطوع و أهميته. كما تعتبر الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها معظم الشباب من الأسباب التي تدفع البعض للبحث عن عمل و الانخراط به و بالتالي عدم وجود وقت كافي للتطوع. و من ناحية أخرى، فإن معظم المؤسسات الأهلية في العالم العربي ليس لديها المهارة لمخاطبة الشباب و عمل برنامج منظم و مخصص للتطوع و بالتالي تحفيذ الشباب و تشجيعهم على الذهاب إليهم للتطوع، حتى أن بعض الشباب الذين حاواوا التطوع في بعض المؤسسات كانت لهم خبرات سيئة بسبب سوء التخطيط أو عدم الاكتراث في المعاملة أو إسنادهم أعمال غير مهمة.11 و بالتالي، فإنه من الضروري اتخاذ خطوات عملية لتشجيع التطوع بين الشباب الذين يعدوا من أهم موارد الدولة و أعظم أدواتها لتحقيق التنمية. من أهم هذه الخطوات هي بث روح التطوع من خلال التنشئة الأسرية و المؤسسات التعليمية حيث أن الأطفال و الطلاب يجب أن يتعلموا ممارسة التطوع بصورة منظمة و فعالة حتى أن خدمة المجتمع يجب تكون من أولى الواجبات التي تتعلمها الأجيال القادمة. و من ناحية أخرى، فإنه يجب إقامة مراكز للمتطوعين لتكون وسيطا يوجه المتطوع للمكان أو الجهة المناسبة للتطوع حسب وقته و إمكانياته و مهاراته. ذلك إلى جانب تنظيم العمل التطوعي داخل المؤسسات التطوعية بشكل أكثر تشجيعا للشباب.12 و من هنا فإن هناك الكثير من الجهود التي يجب أن يقوم بها المجتمع ككل كي يعمل على إحياء مفهوم التطوع في المجتمع و خاصة الشباب. و ذلك أنه بغفلة المجتمع لأهمية التطوع يفقد الكثير من موارده التي ممكن أن تحقق نقلة حقيقية في التنمية و الإصلاح و عموم الخير على الشعب كله. و خير ما نختتم به هذا المقال هو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله عباداً اختصهم بقضاء حوائج الناس حببهم في الخير وحبب الخير إليهم أنهم آمنون من عذاب يوم القيامة."
[center]
مقدمة عامة:
أصبح انتشار التطوع من المقاييس التي يقاس بها تقدم المجتمع و تطوره. 1 فيعد الوعي بأهمية التطوع و ممارسته بصورة فعلية مؤشر للتفاعل الإيجابي للأفراد تجاه مجتمعهم للنهوض به و تنميته في كافة المجالات. و لا تقتصر الآثار الإيجابية للتطوع على المجتمع فحسب، إنما يعد التطوع من أهم الوسائل لبناء شخصية المتطوع و تنميته مهاريا و اجتماعيا و أخلاقيا و دينيا.
ماهية التطوع:
التطوع هو المجهود الذي يقوم به الفرد بصفة اختيارية عن طريق المساهمة بخدمات للمجتمع دون مقابل مادي. هذه المساهمة قد تكون على شكل عمل أو علم أو رأي أو تمويل أو غير ذلك مما يخدم المجتمع. 2 و يتضح من هذا التعريف أن أنجح شكل يكون عليه التطوع يظهر في الجمعيات أو المشاريع التي قامت بمبادرة أفراد متطوعين، رغبة منهم في مساعدة المجتمع و تنميته عن طريق استخدام مواردهم الخاصة البشرية و المادية.3
مفهوم التطوع في الإسلام:
إن التطوع بالمفهوم السائد في الوقت الحالي و كما هو موضح في التعريف السابق لا ينطبق عليه أية صفة إلزامية أو واجبة. ذلك في حين أن الأمر يختلف في الإسلام؛ حيث يرتبط التطوع بواجب الفرد تجاه مجتمعه. و أحيانا يصل التطوع إلى حد الفريضة الملزِمة، و ذلك في الحالات التي عبَّر عنها الفقهاء بمفهوم "فروض الكفاية". و فرض الكفاية هو العمل الذي يجب على مجموعة مؤهلة التطوع به من أجل المجتمع ككل. و لكن إن لم يقم به أحد، أصبح العمل المطلوب فرضاً مُلزماً، و يحاسب الجميع إن لم يقم أحد بالتطوع لعمله.4 و يتميز التطوع في الإسلام بأنه واجب على كل مسلم. و المتطوع في الإسلام يجب أن يكون عمله خالصا لوجه الله، خالي من المظهرية و النفاق و محترم لكرامة المتلقي للمساعدة سواء كان هذا التطوع بالمجهود أو بالمال. 5 و هناك ثلاثة درجات للعطاء الاجتماعي في الإسلام: سخاء وجود وإيثار. فالسخاء: إعطاء الأقل وإمساك الأكثر . والجود: إعطاء الأكثر وإمساك الأقل. والإيثار: إعطاء الكل من غير إمساك لشيء.6 من هو المتطوع المتطوع هو شخص ذو مؤهلات و مهارات معينة يستخدمها ليخدم بها المجتمع دون انتظار مقابل.7
حقوق و واجبات المتطوع
هناك مجموعة من الحقوق للمتطوع التي يجب أن تراعى حتى تنشط العملية التطوعية و تأخذ صورة تنظيمة ناجحة. من هذه الحقوق حق المتطوع في أن يحصل على التوجيه و التدريب اللازم للقيام بالعمل، أن يعامل باحترام و تقدير، ألا يضيع وقته نتيجة لسوء التخطيط، أن يسأل أسئلة و يعطي اقتراحات خاصة بالعمل الذي يقوم به، و أن يأخذ الثقة الكافية للحصول على معلومات خاصة بعمله. كما أن على المتطوع واجبات حتى يحقق مجهوده النفع اللازم، و منها أن يلتزم بالمواعيد التي حددها للعمل، أن يقوم بالعمل المنوط به على أكمل وجه، أن يحترم قوانين العمل، و أن يحترم سرية المعلومات الخاصة بالعمل.8
أهمية التطوع:
* 1. للخدمات التي يقدمها التطوع دورا هاما في تكملة ما تعجز الدولة عن تقديمه من مشروعات خدمية و تنموية. كما أن القطاع التطوعي يتميز أنشطته بالسلاسة في الحركة و النشاط مما يساعد على تقديم الخدمات بصورة أسرع و أيسر من أجهزة الحكومة.
* 2. يتيح التطوع الفرصة إلى التعرف على احتياجات و سلبيات المجتمع مما يسهم في الدعوة إلى تبني هذه المشكلات و حلها سواء عن طريق الحكومة أو عن طريق أي جهة أخرى.
* 3. يساهم التطوع في تعبئة الموارد المحلية من موارد بشرية و مادية في سبيل النهوض بالمجتمع دون اللجوء إلى مصادر حكومية أو خارجية.
* 4. يوضح التطوع و ينمي الجانب الإنساني للمجتمع و الذي يساهم في التكافل و التراحم و التساند بين الناس.9
* 5. يسهم التطوع في الممارسة الديمقراطية عن طريق إتاحة الفرص للمتطوعين أن يتخذوا قرارات خاصة بمجتمعهم بشكل مباشر و ديمقراطي.10
معوقات التطوع في العالم العربي
أظهرت دراسة ميدانية عن التطوع في العالم العربي قامت بها الشبكة العربية للمنظمات الأهلية أن الشباب من سن 15 حتى 30 هم أقل فئة مهتمة بالتطوع برغم إمكانيات و قدرة الشباب في هذا السن للقيام بأعمال تخدم المجتمع بصورة فائقة. و يرجع إحجام الشباب في العالم العربي عن التطوع إلى عدة أسباب، منها التنشئة الأسرية التي أصبحت تهتم فقط بالتعليم دون زرع روح التطوع و بث الانتماء و مساعدة الآخرين. كما أن مناهج و أنشطة المدارس و الجامعات تكاد تكون خالية من كل ما يشجع على العمل التطوعي الحقيقي. و غياب التطوع في كل من الأسرة و المؤسسات التعليمية أدى إلى خلق أجيالا ليس لديها الوعي لمفهوم التطوع و أهميته. كما تعتبر الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها معظم الشباب من الأسباب التي تدفع البعض للبحث عن عمل و الانخراط به و بالتالي عدم وجود وقت كافي للتطوع. و من ناحية أخرى، فإن معظم المؤسسات الأهلية في العالم العربي ليس لديها المهارة لمخاطبة الشباب و عمل برنامج منظم و مخصص للتطوع و بالتالي تحفيذ الشباب و تشجيعهم على الذهاب إليهم للتطوع، حتى أن بعض الشباب الذين حاواوا التطوع في بعض المؤسسات كانت لهم خبرات سيئة بسبب سوء التخطيط أو عدم الاكتراث في المعاملة أو إسنادهم أعمال غير مهمة.11 و بالتالي، فإنه من الضروري اتخاذ خطوات عملية لتشجيع التطوع بين الشباب الذين يعدوا من أهم موارد الدولة و أعظم أدواتها لتحقيق التنمية. من أهم هذه الخطوات هي بث روح التطوع من خلال التنشئة الأسرية و المؤسسات التعليمية حيث أن الأطفال و الطلاب يجب أن يتعلموا ممارسة التطوع بصورة منظمة و فعالة حتى أن خدمة المجتمع يجب تكون من أولى الواجبات التي تتعلمها الأجيال القادمة. و من ناحية أخرى، فإنه يجب إقامة مراكز للمتطوعين لتكون وسيطا يوجه المتطوع للمكان أو الجهة المناسبة للتطوع حسب وقته و إمكانياته و مهاراته. ذلك إلى جانب تنظيم العمل التطوعي داخل المؤسسات التطوعية بشكل أكثر تشجيعا للشباب.12 و من هنا فإن هناك الكثير من الجهود التي يجب أن يقوم بها المجتمع ككل كي يعمل على إحياء مفهوم التطوع في المجتمع و خاصة الشباب. و ذلك أنه بغفلة المجتمع لأهمية التطوع يفقد الكثير من موارده التي ممكن أن تحقق نقلة حقيقية في التنمية و الإصلاح و عموم الخير على الشعب كله. و خير ما نختتم به هذا المقال هو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله عباداً اختصهم بقضاء حوائج الناس حببهم في الخير وحبب الخير إليهم أنهم آمنون من عذاب يوم القيامة."
[center]